المعرفة بالسياق

يقصد بالمعرفة بالسياق أن يعرف المعلم السياق أو الظروف المحيطة بالعملية التدريسية التي يقوم بها، وهي تتضمن ثلاثة جوانب:

المعرفة بالنظام التعليمي الذي يعمل في اطاره، فمثلا النظام في فلسطين قد يختلف في المدارس الحكومية عن الخاصة عن الوكالة، حتى وان تشابهوا في بعض الجوانب. وهذا يشمل معرفته بعدد الحصص المتاح له في كل اسبوع وفي كل فصل، طبيعة الاشراف التي تتم عليه، المهام المتوقعة منه، مواعيد تسليمها. بالإضافة للمعرفة بإمكانيات النظام الذي يعمل في اطاره، هل يمكنه توفير بعض المواد أو الوسائل التعليمية؟ ومقدار وطبيعة الدعم الذي يمكنه ان يوفره للمعلم. هذه الامور جميعها وغيرها يمكنها أن تؤثر بشكل كبير على خطط المعلم وطرق التدريس المستخدمة. مثلا أن تضع الخطة الفصلية وعدد الحصص لكل درس ويكون للمدرسة عطل خاصة بها. أو أن تقضي وقتا طويلا في تجهيز عرض أو فيديو، ثم تكتشف أن المدرسة لا تحتوي على جهاز عرض أو لا يسمح لك باستخدامه الا في اوقات معينة. ومن الامور التي تتأثر كثيرا بالسياق التعليمي الذي يعمل فيه المعلم هوعدد الحصص، فعدد الحصص يتراوح عند المعلمين الخبراء لهذه الوحدة من 12-15 حصة، حيث أن هناك عوامل لها دور في تحديد عدد الحصص، كعدد الطلبة في الصف، وتوفر ادوات مخبرية كافية للطلبة، أو وسائل ومواد تعليم، بالاضافة لعوامل أخرى كمستوى الطلبة الاكاديمي ومدى انضباط البيئة الصفية بشكل عام.

المعرفة بالمجتمع والبيئة المحلية للطلبة، هنا لا يقصد أن تعرف التفاصيل، ولكن أن تعرف بصورة عامة الاوضاع الاجتماعية والبيئة المحيطة بالطلبة، وكيف يمكن أن تؤثر على تدريسك. مثلا ذكرت معلمة خبيرة أنها تحرص على أن تحل معظم التمارين والانشطة مع الطلبة في الصف لأنها تعلم أن اولياء أمور معظم الطلبة غير متعلمين، أو انهم يعودون في وقت متأخر الى منازلهم (لاحظ كيف يمكن أن يؤثر ذلك على عدد الحصص وطرق التدريس). وعلى عكسها قالت معلمة أخرى خبيرة تعمل في سياق مختلف، أنها تطلب دائما من الطلبة احضار مواد للقيام بالتجارب أو الانشطة، كون الاهالي في قريتها يهتمون كثيرا ويحضرون دائما الاغراض، بل ويتصلون بها احيانا لعرض خدماتهم على المدرسة. لذا تؤثر هذه المعرفة في خطط المعلم، وكيفية تعامله مع طلبته. كما تساعده في اختيار الامثلة والتمثيلات والتشبيهات القريبة من بيئتهم. فقد يشبه معلم يدرس في غزة المادة، وأنها تتألف من جسيمات حتى وان بدت متصلة بالتماثيل المصنوعة من رمل البحر (مثال من بيئة الطلبة)، في حين هذا المثال قد يبدو بعيدا عن تصور الطلبة في منطقة جبلية صخرية في جبال نابلس .

المعرفة بأوضاع خاصة لبعض الطلبة، وهنا أيضا لا يقصد التدخل في حياة الطلبة، وانما المعرفة بأحوال الطلبة التي يمكنها أن تؤثر سلبا أو ايجابا على التدريس. مثلا قد يعرف المعلم أن أحد طلابه يمكنه احضار قطع حديد سليمة وأخرى عليها صدأ لان والده يعمل حدادا، أو أن أحد طلابه عنده حساسية من بعض المواد التي قد تستخدم في التجارب الكيميائية. او أن بعض الطلبة يعتمدون على انفسهم بالدراسة، وأن آخرين يعتمون على اهاليهم.